لم يكن هذا المشهد المؤثر مألوفاً حتى في أروقة مستشفى "شنايدر" للأطفال في بيتاح تكفا، حيث جالت فتاتان صغيرتان تتشابكان أياديهما بين غرف القسم. إنهما كانتا ريم البالغة 11 عاماً من قرية في شمال البلاد وكوثر البالغة 14 عاماً من سكان قرية مجاورة. ولم تربطهما أي معرفة سابقة قبل أسبوع لكنهما أصبحتا فجأة أقرب صديقتين وكأنهما شقيقتان بكل معنى الكلمة..
وكانت كوثر قد أصيبت بمرض رئوي شديد وهو التليّف الكيسي (سيستيك فيبروزيس) فيما كانت ريم تعاني من قصور عضلة القلب الخطير. وقد انتظرت كلتاهما أشهراً طويلة عمليتي الزرع المعقدتين اللتين كانتا بحاجة إليهما، كوثر في الرئة وريم في القلب، دون أن تتعرّفا على بعضهما البعض.. إلى أن زفت تلك الليلة حيث تم استدعاؤهما إلى المستشفى لإجراء عملية مستعجلة بعد أن تبرعت عائلة فتى لقي مصرعه في حادث مروري بأعضائه.
وقد أجريت للفتاتين عمليتا زرع متتاليتان تم خلالهما زرع قلب ورئتَي الفتى القتيل في جسم كوثر فيما زُرع قلب كوثر في جسم ريم. وقد تكللت العمليتان بالنجاح.
وكانت المتعة الأكبر هي مشاهدة الفتاتين والبسمة العريضة تعلو شفتيهما. وقد عادت كلتاهما إلى ممارسة حياتهما بانتظام وتمكنت كوثر من إكمال تعليمها الثانوي والحصول على شهادة (البغروت).