د. صلاح حمزة: "تعلمت من هذه التجربة أيضا انه من غير الضروري ان يكون الانسان مثقفا أو اكاديميا او مقتدرا ليخلد اسمه بطلا! جدتي التي رزقت بستة من الأبناء وبنتين وربتهم على قيم العطاء والمحبة والوحدة سيتذكرها الجميع بطلة منحت بوفاتها الحياة لأربعة اشخاص بفضل الله تعالى"
قررت عائلة المرحومة صبحية حمزة (أم فؤاد- 73 عاما) من كفر كنا التبرع بأعضائها وإنقاذ حياة 4 أشخاص كانوا بحاجة الى زراعة أعضاء ضرورية: كليتين لشخصين، رئتين وكبد. هذا وكان قد تم ثبوت الموت الدماغي للمرحومة في مستشفى بوريا بعد تعرضها لنزيف دماغي في بيتها.
وقال د. صلاح حمزة والذي يعمل طبيبا في قسم القلب في مستشفى شيبا – تل هشومير عن حيثيات اتخاذ قرار التبرع بأعضاء جدته: "كانت جدتي المرحومة بصحة جيدة واصيبت بنزيف دماغي خلال تواجدها في البيت وبعد أيام ساء وضعها وتم إقرار موتها دماغيا من قبل الطاقم الطبي في مستشفى بوريا والذي يعتبر موتا نهائيا طبيا وشرعيا وقانونيا. اردت ان نخلّد ذكرى جدتي بطلة ، عصامية معطاءة كما عرفها الجميع: في حياتها انجبت وربت ستة أبناء وبنتين وبمماتها أنقذت حياة أربعة أشخاص. اؤمن كطبيب يحمل رسالة إنسانية تقدس حياة الانسان، أن التبرع بالأعضاء هو عمل انساني يبث الارتياح في نفوس من فقد عزيزا عليه، ويعتبر صدقة جارية عن روحه شرعا، وقيمة انسانية عليا وأستغل الفرصة لحث الجمهور على عدم التردد في انقاذ حياة الاخرين وأنا أراهم يموتون امامي خلال الانتظار خلال عملي. من المفارقات أن تكون اخت جدتي ضمن القائمة القطرية للتبرع بالأعضاء وتجري الدياليزا للسنة الرابعة على التوالي. لم تستطع جدتي منح كليتها لاختها من أجل انقاذ حياتها بسبب تعذر ذلك من الناحية الطبية، لكنها ساعدتها في الحصول على نقاط استحقاق إضافية ضمن قائمة الانتظار القطرية لاتها أصبحت تنتمي لعائلة تبرعت من أجل انقاذ حياة الاخرين وآمل ان تحصل على كلية قريبة من متبرع قريبا"
أريد ان اوجهه رسالتي كطبيب ومن خلال تجربتي في محاولة اقناع العائلة بقرار التبرع بالأعضاء: "توفيت جدتي فجأة بجيل 73 عاما وكانت بصحة جيدة . لم تستوعب العائلة أنها فارقت الحياة بهذه السرعة وأن موت الدماغ هو نهائي، وفكرة التبرع بأعضائها كانت صعبة ولاقت بعض التخوفات وآراء تنادي بمنحها الفرصة كي تستيقظ وواجهت صعوبة في اقناع أبي وعمي في البداية رغم كوني طبيبا، لكن سرعان ما تحول الرفض الى موافقة بروح ثقافتنا الإنسانية وخاصة بعد أن استشار عمي شيخا لفحص الموضوع من الناحية الدينية وكان رأي الشرع مساندا وداعما وأن هذا العمل يعتبر صدقة جارية عن روحها الى يوم الدين وأن ديننا يشجع التبرع بالأعضاء وتكريم حياة الانسان وفق الضوابط الشرعية مما سهل على اقناع باقي الاعمام والعّمات وافراد العائلة. اليوم نعتزّ بقرارنا تقديس حياة الانسان وتخليد ذكرى جدتي والتبرع بالاعضاء"
وأضاف د. صلاح حمزة: "الموت الدماغي او ما يسمى بموت جذع المخ كما يحدده طاقم الاطباء وكما تم اقراره لجدتي هو موتا أكيدا طبيا وشرعيا وقانونيا، ولم تشير الادبيات الطبية الى حالة واحدة لشفاء شخص واحد بعد ثبوته. كما وأن الطب والشرع والقانون يجمعون على أن موت جذع المخ هو موت كامل يجيز بعده التبرع بالأعضاء. ادرك صعوبة موقف كل عائلة تقرر التبرع بأعضاء ذويها وقرارها بالموافقة على وقف عمل الاجهزة الطبية. لكن التأخر في اتخاذ القرار يزيد من احتمالات تلف الاعضاء ويقلل من احتمالات التبرع وانقاذ حياة اشخاص بأمس الحاجة الى الحياة. هذه فرصة للتوجّه لمجتمعنا، الذي هو على قدر كبير من الوعي، أن يتحقّق من المعلومات المتدولة، واستشارة أهل العلم ، فهناك الكثير من المعلومات غير الدقيقة مثل :"شخص استفاق من موت دماغيّ" هذا غير ممكن اطلاقا لان الموت الدماغيّ هو موت تامّ وكامل، لا عودة، ولا رجعة بعده. استعمال أجهزة التنفّس الاصطناعيّ والأدوية المحفّزة للقلب يتيح بشكل مؤقّت المحافظة على التنفّس وعلى نبض القلب لكن في حال موت الدماغ او ما يسمى بجذع المخ، فإنّ المريض يُعتبَر متوفّيًا طبيا وقانونيا وشرعيا وهو عبارة عن "جثة نابضة" بفضل الوسائل الاصطناعية الداعمة لأعضاء الجسم. تعلمت من هذه التجربة أيضا انه من غير الضروري ان يكون الانسان مثقفا أو اكاديميا او مقتدرا ليخلد اسمه بطلا! جدتي التي رزقت بستة من الأبناء وبنتين وربتهم على قيم العطاء والمحبة والوحدة سيتذكرها الجميع بطلة منحت بوفاتها الحياة لأربعة اشخاص بفضل الله تعالى"
في الصور التي وصلنتا من العائلة: المرحومة صبحية حمزة (ام فؤاد) مع حفيدها د صلاح حمزة