ياعيل الوني ولدت سليمة كلياً. حين بلغت من العمر ثلاثة أشهر أصيبت بالأنفلونزا التي اشتدت ونتيجة ذلك نشأت لديها عاهة قلبية؟ بعد ثماني سنوات فقط بدأت العاهة تعطي مؤشراتها فتدهورت حالة ياعيل إلى أن تصدرت قائمة المنتظرين لزراعة قلب. كانت تلك سنة حزينة للعائلة التي شهدت مأساة صعبة للغاية – إذ أن والد ياعيل، دكتور دورون الوني، طبيب أطفال محبوب ومعروف، توفي ومن ثم بعد وقت قصير – جدتها، والدة أمها دوريت. وإضافة إلى كل ذلك فقد اشتد حالة ياعيل الصحية وآلت الى الخطورة .
في القرية التعاونية (كديما) تعرضت عائلة جيلور إلى مأساة فظيعة لا تقل عنها. عمري ابن الثانية عشرة، أخ توأم لأوهاد وأخ بكر لدافني، ولد حر الطباع ، محب للاستطلاع، غزير الخيال، موهبة وفرحة حياة – خرج في ذلك الصباح مع أبناء أعمامه لمغامرة، حفر مغارات في الرمل، في خضم الانفعال والفرح انهارت عليه كومة من الرمل فدفنته. جهود الإنقاذ باءت بالفشل. بعد ثلاثة أيام أتلف جذع دماغه وانطفأ، فقررت لجنة خاصة من الأطباء وفاته. في غمرة الألم والصدمة أيقن والداه وضوح ضرورة التبرع بأعضاء عمري. أشركا أولادهما الآخرين بالقرار فكان ذلك اوهاد الذي ذكر لهم بان عمري طلب قبل بضعة شهور التوقيع على بطاقة أدي، فرأوا بذلك وصية. الجهاز الهضمي لعمري زرع بكامله في جسد فتاة تبلغ السادسة عشرة من عمرها، الرئتان في جسد ولد يبلغ الحادية عشرة، الكليتان لمريضين مسنين والقرنيتان أعادتا النور لولدين. والقلب نالته ياعيل الوني.
ياعيل بنت نشيطة تحب الرقص والرياضة، انتعشت من العملية بسرعة وهي الآن بنت عادية يمكنها أن تأخذ نصيبا في كل النشاطات والتجارب التي يخوضها أبناء جيلها. حتى أنها تتفاخر بحقيقة أنها نالت قلب ولد وهي الحقيقة التي تمكنها من الفوز على الذكور في الركض.
تزامناً مع الحادث كانت عائلة جيلور غارقة في الحداد والخسارة الأليمة. اكتفت بالخبر بان عمري أنقذ حياة آخرين لكن اللقاء مع ياعيل ومع أمها واجه فداحة معنى التبرع، الأمر الذي منحهم القوى الجديدة لمواجهة الخسارة والتقدير الكبير للولد المأمول الذي ربوه، والفضل الفريد الذي نالوه. "في اللحظات الفظيعة من حياتنا"، هكذا يقولون،" نجحنا من خلال الدموع في أن نرى سعادة شخص آخر".
العائلتان توليان أهمية للحقيقة بان المقصود قلب. يوم وفاة عمري كان يوم سعادة في حياته، فارق الحياة وقلبه مليء بالفرح. هذا القلب الفرح نالته ياعيل. منحها عمري الحياة وفرحة الحياة. سيواصل كونه البطل الحقيقي في حياتها.